تركيز وتكرار أحاديث الإعلاميين المصريين عن حبهم لمصر بلغ مستويات أقل ما يقال عنها إنها مثيرة للانتباه، بل وحتى للتساؤل عن سر تكرار مقولة الحب هذه في كل مناسبة وفي غالب الأحيان من غير مناسبات. ومبرر التساؤل هنا يكمن في أن الطبيعي والمنطقي والفطرة السليمة والسلامة الذهنية والنفسية، هو أن يحب المصريون بلدهم مصر، والمنطقي والمفروض كذلك هو أن يحبوا الجزائر وكل بلدان العالم، مثلما هو منتظر من الفرنسيين أن يحبوا فرنسا وبقية بلدان العالم، ومثلما هو منتظر من الجزائريين أن يحبوا الجزائر وبقية الأوطان بما في ذلك مصر، ما دامت فطرة الإنسان الطبيعية هي الحب وليس الكره. فهل هناك شك في أن مصريين، بغض النظر عن عددهم وحجمهم، يكرهون مصر حتى يضطر هؤلاء الإعلاميون إلى التبرؤ منهم بالتكرار الممل والإعلان المتواصل عن حبهم لمصر؟المؤكد والمعروف هو أن التملق للنظام الحاكم في القاهرة هو الواقف وراء هذا التغني بالحب، لذلك فقد تحول التسابق نحو التكرار الممل لحب هؤلاء الإعلاميين المصريين لمصر إلى كلام يلوكه هؤلاء دون تردد ولا كلل ولا ملل وبدون معنى ولا مبرر... والمؤكد كذلك أن هؤلاء الإعلاميين كانوا يحبون مصر أيام عبد الناصر وأيام السادات وحتى أيام الملك فاروق، لكنهم لم يكونوا يتبجحون به، لأنه لم يكن يؤدي يومها إلى امتيازات، أما هذه الأيام فقد تحول إلى مطية للمحافظة على المكاسب المحققة والأحلام المترسبة في الأذهان، وهنا يكمن الخطر، لأن حب الوطن لم يعد عقيدة سياسية ومصلحة جماعية يحتمي بها الجميع ضد كل مجهول، بل أصبح طريقا ومنهجا لتحقيق مآرب شخصية وحسابات أنانية لا تخدم سوى أفراد باعوا ذمتهم وذممهم.
مأساة هؤلاء أنهم ربطوا حبهم لمصر هذه الأيام بنبذهم لمصر السابقة، فأصبحوا يربطون شرط أي نهضة أو تقدم لمصر بنبذ سياسات ما قبل مبارك، من خلال ربطهم مشاكل مصر الحالية بتداعيات السياسات السابقة، فيقولون بأن الحروب التي خاضتها مصر نيابة عن العرب هي التي أدت إلى تأخرها وغرقها في المحن، ولتجاوز هذا التأخر وبالتالي حل المشاكل اليومية للمواطن المصري، يجب التفرغ للتنمية ونسيان ما هو أبعد من مصر. فهل لهؤلاء أن يقارنوا بين ما حققته مصر من نهضة في الفترات التي كانت تستعد فيها، على مدار ساعات الليل والنهار والأيام والأشهر والسنوات، للحرب، وبين ما حققته خلال الثلاثين سنة من عمر ما يسمى بالسلام مع إسرائيل ونبذ الحروب؟ بصراحة هل تستطيع مصر اليوم أن تبني مشروعا بحجم السد العالي وتفرخ جامعاتها النخب والعلماء الذين أفرزتهم خلال الحقبة الناصرية، حتى ولو حلت جيشها وباعت كل أسلحتها؟... الجواب ليس بالنفي فقط وإنما من المستحيلات السبع.
المصدر :العربي زواق
مأساة هؤلاء أنهم ربطوا حبهم لمصر هذه الأيام بنبذهم لمصر السابقة، فأصبحوا يربطون شرط أي نهضة أو تقدم لمصر بنبذ سياسات ما قبل مبارك، من خلال ربطهم مشاكل مصر الحالية بتداعيات السياسات السابقة، فيقولون بأن الحروب التي خاضتها مصر نيابة عن العرب هي التي أدت إلى تأخرها وغرقها في المحن، ولتجاوز هذا التأخر وبالتالي حل المشاكل اليومية للمواطن المصري، يجب التفرغ للتنمية ونسيان ما هو أبعد من مصر. فهل لهؤلاء أن يقارنوا بين ما حققته مصر من نهضة في الفترات التي كانت تستعد فيها، على مدار ساعات الليل والنهار والأيام والأشهر والسنوات، للحرب، وبين ما حققته خلال الثلاثين سنة من عمر ما يسمى بالسلام مع إسرائيل ونبذ الحروب؟ بصراحة هل تستطيع مصر اليوم أن تبني مشروعا بحجم السد العالي وتفرخ جامعاتها النخب والعلماء الذين أفرزتهم خلال الحقبة الناصرية، حتى ولو حلت جيشها وباعت كل أسلحتها؟... الجواب ليس بالنفي فقط وإنما من المستحيلات السبع.
المصدر :العربي زواق
0 التعليقات:
إرسال تعليق