الاثنين، 7 ديسمبر 2009

ركلة إلى العقل العربي

سمعت أحد الغوغاء على فضائية مصرية يتحاشى ذكر اسم الجزائر وهو يقرأ البرنامج النهائي لمباريات كأس العالم.. لقد بدا لي المسكين كالجاهل الذي يتنعم بجهله، وكالصبي الذي يتلذذ بسماع بكائه. فهل وصل بالـ''هذا'' الآدمي أن يغضب من منطق العقل ؟ وأن يكفر بالتقاليد العربية المتحفظة على خروج الأم من الدار؟ فعلى أم الدنيا الالتزام بالمكوث في البيت إلى حين عودة الأب من المونديال؟
هو بعض مما قد نجيب به على أحد هؤلاء المساكين على أكثريتهم، لكن هل يدرك الـ''هذا'' بأن في جسمه عقلا؟
لو لم يسجل عماد متعب هدفه الثاني في لقاء القاهرة لما احتكمنا إلى مباراة الخرطوم الفاصلة، فكل شيء في الموقعة العنترية لعب في الوقت بدل الضائع، ولأن الأضحوكة كانت بتوقيع عربي، ولو من سلالة فرعونية، فإن البطل كان إسمه عنتر، وليس غيره، وهكذا جرى اللقاء بين الجزائر ومصر على وقع هدفي متعب وعنتر.
فعلى نهج توقيت تسجيل عماد متعب، حاول ما تبقى من العقل العربي الاستدراك، حيث بدأت بعض الأصوات ممن كنا نعتقد بأنها تشكل النخبة، تخط وترسل بياناتها المنددة، طبعا بما صدر من سب وشتم وإهانة، وتدعو للم الشمل العربي الذي انفضحت عورته، وانكشفت هشاشته بركلة كرة عنترية لا أكثر، لكن متى؟ في الوقت بدل الضائع من مباراة الكرامة و''النيف'' الجزائري.
لم يكن ربما من باب الصدفة أن يكون عنتر يحيى هو موقع هدف إقصاء مصر، حيث وبفضله انتقل العرب من الزمن الجميل لابن شداد إلى زمن النكسة مع الشدائد العربية الرياضية. وكشف الهدف أن هناك أمما عربية يمكن إسقاطها بـ''قذيفة'' واحدة فقط، ولو كانت كروية.
في ''الكرة'' عادة ما يبدي الجميع تخوفه من تحيز الحكم، لكن في المباراة الجزائرية المصرية حضرنا لتحيز العقل على حساب المنطق، وعشنا سقوطا حرا لهذا العقل الذي بدا في أمس الحاجة إلى جنون هستيري على مقاس الجماهير الرياضية المتعصبة، حتى نعيد له توازنه ورشده المفقود في المريخ.
لقد تكاثف متعب وعنتر، وبفضلهما تم استدعاء التاريخ، وتم أيضا الكفر بجغرافية الانتماء، لكن - وهذا هو الأهم - تم تحويل الدماء إلى ماء. فهل يعقل أن ترفع النخبة هذه الثلاثية ؟ في الوقت الذي كان لزاما عليها أن تستوقف عجلة الزمن ـ وليس الأوتوبيس - لتعلنها صراحة: نعم لقد رمينا الطوب على اللاعبين، ومن بعدهم الجماهير التي حضرت لقاء القاهرة، لنقول بدورنا بأن أحداث الخرطوم جاءت كردة فعل لا أكثـر.
هل أقر العقل العربي بعد ذلك بأن عملية اغتياله كانت بتوقيع ركلة كرة، وليس بنيران صديقة مثلما حدث زمن حرب العلوج.
المصدر :فريد معطاوي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جزائري أنا .. أنا جزائري © 2008 | تصميم وتطوير حسن