الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

أنفلونزا الفوقية

لطالما نعق ''الغندوريون'' عبر فضائياتهم بالفوز على الفريق الجزائري، بل طمأنوا جماهيرهم بالفوز الساحق من غير أن يحتاطوا بالحفاظ على هامش من احتمال الانهزام في اللقاء.
ولما تحطمت أحلام المتشدقين بالفوز على صخرة محاربي الصحراء البواسل، لم يجد أولئك الذين تبخر حلمهم في المونديال غير أن يهاجمونا بكل أساليب الشراسة التي تكشف من جهة عن حقدهم الدفين تجاه بلد الثورة، كما تعبر في الوقت ذاته عن استفحال أنفلونزا الفوقية في نفوس الكثير من سكان أم الدنيا.
فمن السموم التي بثتها فضائية المصرية يوم الخميس 19/11/2009 حصة ''البيت بيتك'' التي اتفق جميع من شارك فيها من منشطين وضيوف على وصف الجماهير الجزائرية بالإرهاب الخارج لتوه من سجن الحراش، اعلموا أيها الجاهلون لأبجديات الرياضة أن مناصرة الفريق أو المنتخب الوطني لا تتم بملء مدرجات الملعب بالممثلات وعارضات الأزياء.
اعلموا أن شبابنا الباسل الذي أبى إلا أن يسافر إلى بلد السودان الشقيق لمناصرة فريقنا الوطني الذي هز وحطم حلمكم في المونديال، هو شباب في الواقع من خيرة المناصرين في العالم لأنه يحترم نفسه ولا يبحث عن الفوز المخزي ولو بتهشيم رؤوس الضيوف بالحجارة. وإذا كان المشاركون في حصتكم قد اتفقوا على ضرورة المطالبة من بلد أنغولا الشقيق ''منظم كأس إفريقيا المقبلة'' بتوفير الأمن لمنتخب الفراعة، فهلا وفرتم الأمن لضيوفكم أم أنها عقدة الفوقية.
أعلموا أيها الفاشلون في امتحان المرور إلى مونديال جنوب إفريقيا أن الفيفا ليست للفراعنة وحدهم، إنما هي مؤسسة لكل دول العالم وبلا استثناء.
ومن السخافات التي قيلت في الحصة المذكورة سابقا أن من النكرات التي شاركت فيها من قال إن اسمه أشرف زكي وهو على ما أظن من نفس قائمة المغنيات وعارضات الأزياء، بلغت به الوقاحة درجة القول إن المصريين هم من علموا الجزائريين.
أقول لهذا الراقص: اعلم أيها الغبي أن للجزائر علماء وأساتذة عايشوا محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، وإذا كنت تجهل الأمير عبد القادر، ولا تعرف شيئا عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين فاسأل من بني أم الدنيا من تجد عنده الإجابة، أما إذا كان قصدك الحديث عن مسألة المتعاونين في التعليم وغير التعليم من مجالات الحياة، فذلك من سنن كل الشعوب والأمم. أما المدعو هاني رمزي، الذي وصف الجزائريين بالجبناء، وبمن لا أخلاق لهم ولا أدب، فلتعلم المخطئ أن الجبن إنما يسكنكم أنتم الذي ذعرتم لمجرد رؤية شباب يناصر فريقه بعلم وطنه وبهتافات رياضية، ولتعلم أيضا أن الجزائريين شعب مشبع بالأخلاق والأدب، حتى إنه يملك من أدب الكرم والضيافة ما يفوق تصورك، شريطة أن يعامله غيره باحترام ولا يستفزه، أما إذا تعلق الأمر بمن يعانون من مرض الفوقية فاعلم بأن الشعب الجزائري إنما ينطبق عليه قول الشاعر:
هو البحر غص فيه إذا كان ساكنا على الدر واحذره إذا كان مزبدا.
ومعنى هذا البيت الشعري أن الشعب الجزائري بحر من الجود والكرم، وبإمكانك الغوص فيه للحصول على الدرر، لكن بشرط أن تحترمه وتقدره أما إذا حاولت استفزازه فهو البحر القادر على أن يجرف كل ما يجده أمامه.
أيها الفراعين الصغار، إن ما تعيشونه الآن هو البحث عن كل ما من شأنه أن يقيكم من جماهيركم، بعدما أكدتم لها وبثقة مزيفة أن ذهابكم إلى المونديال مسألة باتت محسومة وليست إلا قضية وقت، لكن بمجرد أن صدمتم بالحقيقة، وصعقتم بنتيجة المباراة، لجأتم إلى الأساليب العدوانية المسعورة تجاه الجزائر حينا والجزيرة الرياضية المحترمة حينا آخر، بل لم يسلم من بطشكم حتى إخواننا السودانيون إذا اتهمتموهم بالتقصير في الأمن حتى اعتدت الجماهير الجزائرية على جمهوركم، مع أن تقارير الأمن السوداني الشقيق تلح على براءة الجماهير الجزائرية من كل تهمكم، ولا أدل على براءتها من عدم قدرتكم على عرض صور المصابين، فلو كانت ادعاءاتكم صحيحة لما تأخرتم لحظة لتقديم الأدلة المادية، لكن المثل العربي يقو ''تلدغ العقرب وتصئ'' بمعنى تصيح، فقد افتعلتم هذه الاعتداءات لا لشيء إلا لإشاحة أنظار العالم عن اعتدائكم الجبان على فريق من الأبرياء ذنبهم أنهم يتقنون فن كرة القدم والفوز برهان المونديال. أيها المخطئون في حق جمهوركم، عليكم أن تأخذوا وجهة أخرى للبحث عن أعذار لما أصبتم به مناصريكم من صدمات، بعدما ضمنتم لهم المونديال المنسوج من خيالكم المنخدع وبكلماتكم الرجراجة. وما دام واجبا على المسلم أن ينصح غيره، أنتهز هذه الفرصة لنصحكم أيها الفراعين الصغار لأقول لكم: كفاكم إفكا وتجبرا واتقوا غضب الله تعالى عليكم، وتذكروا جدكم الأكبر إذ قال: أنا ربكم الأعلى فكان مصيره الهلاك المشين، اجتهدوا للتخلص من عقدة الفوقية التي أنهكتكم لأنها سبب كل مآسيكم، كما أنصح مقدم الحصة المذكورة أعلاه بالتقليل من المساحيق التي يملأ بها ''وشه'' حتى يتكن المشاهد من أن يعرف من أي جنس هو.
المصدر :أرزقي شمون أستاذ بجامعة بجاية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جزائري أنا .. أنا جزائري © 2008 | تصميم وتطوير حسن