الجمعة، 1 يناير 2010

المكابرة المصرية وتغييب الحقيقة

كل العالم تابع المسرحية المصرية التي أداها ممثلو الزيف وتجار الأوهام، ولقد شارك في هذه المسرحية الفجة نخبة من الأدعياء الذين احترفوا الخداع والتضليل، وفي غمرة بادل الأدوار ومواقف التهييج والتحريض، يطل علينا من يطلب الاعتذار، نعم الضحية يعتذر من جلاده، نعم نعتذر للأخت الكبرى، لأم الدنيا، التي تحولت بفعل مباراة كرة قدم إلى أم الصغائر حتى المسؤولين الكبار تخلوا عن الدبلوماسية واللباقة، يقول الكاتب والمفكر المصري فهمي هويدي في مقال له بعنوان ''دفعنا ثمن تغييب الحقيقة'': ''حين انبرى الوزير أنس الفقي للدفاع عن موقف التهييج والتحريض الذي تبنته القنوات الخاصة أثناء الأزمة، فإنه قال إن تبادل الأدوار مطلوب في هذه المرحلة وليس هناك ما يمنع من أن يطلب من تلك القنواتأن تقول ما لا تسمح به قنوات التلفزيون الرسمي، وهو كلام لا يعني إلا شيئا واحدا هو أن اللوثة التي أصابت مقدمي البرامج في بعض تلك القنوات، لم تكن كلها غضبا لكرامة مصر، وإنما أيضا استجابة لتوجيه رسمي، عبر عنه كل بطريقته'' هذه المكابرة لا تدل إلا على ضعف مصر وفقدانها الدور الريادي، لقد استغربت كيف بمصر الحضارة والتاريخ ترمي كل هذا الإرث الحضاري تحت أقدام اللاعبين، كان بإمكان المسؤولين المصريين أن يعترفوا بما حدث في القاهرة، مجرد اعتذار بسيط وانتهى الأمر. إن المكابرة قرينة الضعف في كل حال، يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد في كتابه ''الفصول'' ''المكابرة قرينة الضعف في كل حال، وهي تمويه لا حقيقة، وحيلة لا قوة، وتسليم لا مقا،مة، كل الفرق بين مكابرة وتسليم، إن التسليم صريح وواضح ولكن المكابرة تسليم مراءٍ يخاف ظهور ضعفه فلا يعترف بنفسه، مثلها كمثل الدخان الذي يفشيه المنهزم بينه وبين عدوه مداراة لهزيمته، ومن عكف على أن يقول: لست ضعيفا لست ضعيفا، فإنما يقول بلسان أفصح وأصدق: لست قويا لست قويا، وما رأيت إنسانا يكابر فاحتجت بعدها إلى دليل على صغر عقله وضعف نفسه.
المصدر :القاص والكاتب: شدري معمر علي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جزائري أنا .. أنا جزائري © 2008 | تصميم وتطوير حسن